:اليوم الثانى عشر
نصحو على نفس الأصوات ... الخبط والدق من الساعة 7 ... بالاضافة كمان لأصوات ناس برة الأوضة ... تقريباً الجيران وهما مستنيين الأسانسير اللى جنب باب أوضتنا لزق ... كنا حاسين الناس دى دخلت معانا الأوضة أصلاُ
أعتقد ان احنا نمنا مرة تانية وصحينا حوالى 8:30 ... متأخر قوى ... والنهاردة الخطة ملهاش أوقات محددة لأن "منى" عايزة تروح "لا ديفنس" تشترى آخر حاجات قبل السفر ومش عارفة هتخلص أمتى
واحنا فى طريقنا الى المترو اكتشفت انى نسيت الكارت أورانج فى الأوتيل ... رجعت لوحدى أجيبه و"منى" كملت طريقها منعاً لمزيد من التأخير ... وهكذا رحت "لا ديفنس" لوحدى ... ما كانش عندى هدف معين من الشوبنج لكن كان لازم أشترى هدية لأبى وأمى ... الأسعار هناك مش رخيصة برغم الأوكازيون ... فيه تخفيضات كبيرة على الملابس فى بعض المحلات ... لكن البارفانات والساعات والأحذية مثلاُ بنفس أسعارها فى مصركماركات عالمية ...المول كبير ... فيه 3 طوابق متسعيين ... تجولت فيهم حتى اقتربت الساعة من الثانية أو أكثر ... كلمت "منى" فكانت لسه مخلصتش فقلت لها انى هاقابلها فى الأوتيل
رجعت الى الشانزيليزيه ودخلت أكثر من محل هناك استكمالاً للشوبنج ... وأنا هناك قررت أعدى على الأوتيل القديم اجيب شنطتى اللى سايباها هناك من السبت الماضى ... كنت محتاجة أوضب حاجتى فيها لأن الشنطة الأخرى أصبحت ممتلئة عن آخرها ... فعلاُ آخذت الشنطة – داهية اتقل من الداهية الأولانية – أجرها ورائى على الأرض وحاولت اختصر الطريق الى الأوتيل التانى فلم أعد الى الشانزيليزيه لكن مشيت فى شارع جانبى قدرت انه اذا استمريت فيه على طول سأصل حتماً الى تقاطع مع "افينيو واجرام" المتفرع منه شارع "تيرن" - فى الصورة - المتفرع منه شارع الأوتيل ... لحسن الحظ الشديد لم يحدث هذا فقط ... بل وصلت الى شارع "تيرن" نفسه مباشرة ... جدير بالذكر هنا ان طوال هذا الطريق المتقاطع مع العديد من الشوارع الفرعية والرئيسية ومع طلوع ونزول العشرات من الأرصفة فى مسيرة استمرت قرب 15 دقيقة لم اضطر لمرة واحدة ... ولا مرة ... انى أرفع الشنطة الثقيلة من على الأرض ... وذلك لأن كل الأرصفة بلا استثناء بها مطلع منحدر فى طرف ومنزل آخر منحدر فى الطرف الآخر فكنت أجر الشنطة بسهولة من رصيف الى الآخر ... ده غبر ان مفيش معوقات "فوق" الأرصفة تضطرك الى النزول من على الرصيف من المنتصف والمشى فى الشارع مثل ثلاجة محل أطعمة أو كراسى قهوة بعرض الرصيف أو أقفاص فاكهة وخضار أو حتى بياعين فارشين بضاعتهم لتحتل الرصيف وتطرد المشاة الى نهر الطريق – إوعوا حد يفتكر انى باتكلم على بلد معينة فيها الحاجات دى هى الوضع الطبيعى للأرصفة لا سمح الله
وصلت الأوتيل وكانت المشكلة هى: أحط الداهية دى فين؟ المكان الوحيد الممكن هو انى احطها بين السرير والشباك من الناحية الخاصة بى من السرير ... لأن شنطتى التانية بين مقدمة السرير والحيطة المقابلة بحيث تترك مكان ضيق جدا يكفى لمرور شخص بالعافية ... ثم من الناحية الآخرى للسرير فيه شنطة "منى" بين طرفها من السرير والحيطة الأخرى ... وما تبقى من مساحة الحجرة فيكفى فقط لحركتنا ما بين باب الحمام وباب الأوضة مروراً بين الدولاب والمكتب الصغير ... مع الترتيب المعقد ده وبوجود الشنطة الجديدة فى مكانها الجديد أصبحت ناحيتى من السرير مسدودة تماماً ... يعنى عشان أنام هادخل السرير من مقدمته زحفاً ... كل ده ولسه فيه شنطتين بتوع "منى" فى الأوتيل القديم برضو لسه مجبناهمش ... غالباً هننام عليهم ... نعمل للسريردور تانى
وعن حالنا فى الأوضة دى فحدث ولا حرج ... أولا كنا بندى بعض اشارات مرور ... حدد الأول أنت رايح فين عشان نعمل تبادل أماكن لأن لا يمكن نقف احنا الاتنين جنب بعض ... يعنى لو أنا عند السرير وعايزة اطلع خطوتين قدام ناحية الدولاب لازم أقول لها عشان تدخل هى مكانى وأطلع أنا برة الى منطقة الدولاب ... ثانياً باب الحمام بيفتح لبرة مش لجوة كما هو متوقع من أى باب حمام محترم ... وجنب الحمام مباشرة وفى اتجاه فتح الباب توجد مرآة طويلة مثبتة الى جدار الدولاب – طبعاً مفيش مساحة تانية ممكن تتحط فيها مراية فكان الحل الأمثل يخلوها جزء من الدولاب – وبالتالى فالواقف أمام المرآة يكون فى اتجاه فتح باب الحمام ... وبالتالى اللى فى الحمام لازم "يخبط" قبل ما يخرج لحسن حد يكون واقف ورا الباب ويلبس فى الدولاب لو الباب اتفتح ... ثالثاً لأن المدة طولت ولازم نغسل لبسنا ومفيش طبعاً هنا حاجة اسمها لاوندرى سيرفس فاضطرينا الى استخدام الحوض كطشط غسيل ومدفأة حرارية مثبتة فى الحيطة كمنشر غسيل بالتبادل مع بعض طبعاً ... مرة تانية أكتشف نعمة الأوتيل الأربع نجوم اللى ماكانش عاجبنا فى الأول
رجعت "منى" حوالى الساعة 5 ... نزلنا بعدها بحوالى ساعة كمان الى "تروكاديرو" ... المكان المواجه لبرج ايفل اللى شرحته قبل كده ... المرة دى ركبنا المترو ونزلنا فى محطة "تروكاديرو" نفسها مش عن طريق عبور الشارع من البرج ... نشرح تانى ... تروكاديرو ده مجمع يتكون من مبنيين كبار على شكل قوس أو نصف دائرة فيهم على اليمين متحف الانسان والمتحف البحرى وعلى الشمال متحف السينما ومسرح ال"شايوه" ثم أمامه جنينة فى وسطها نافورة كبيرة تصب فى حوض كبيييير ولو وقفت فى تروكاديرو بين المتحفين تشوف برج ايفيل كامل أمامك ولا يفصلك عنه سوى كوبرى عريض فوق نهر السين
كان المكان أكثر ازدحاماً بكثير عن المرة السابقة ... فيه أولاد بتعمل "بريك دانس" وأولاد تانيين عاملين منحدر عالى من الخشب بيتزحلقوا عليه بالسكايت بورد ... حتى المراهقين هناك رايقيين ... شعب رايييييق نزلنا من الجزء العلوى المقابل للمتحفين الى المنطقة السفلية حيث النافورة التى تصب فى حوض طويل على مستوى الشارع وعلى جانبيه منحدر من الحشائش يجلس عليهما الناس ... معملناش حاجة تذكر هناك سوى التقاط بعض الصور
اخدنا المترو بعدها الى "ليز انفاليد" ... وهو المبنى ذو القبة الصغيرة الذهبية والمدفون فيه نابليون ... كانت الساعة حوالى 9 أو أكثر ... أول ما طلعنا من المترو خرجنا الى يمين الشارع الموصل بين كوبرى "الكسندر الثالث" و"ليزانفاليد" ... على يمين الشارع ده فيه منطقة أصغر من ان تكون جنينة لكنها رقعة كبيرة من الحشائش تمتد بطول الشارع من الكوبرى وحتى الانفاليد ... وزى جنينة لوكسمبور الناس كلها قاعدة أو نايمة على الحشيش ... فى مجموعة كبيرة – تقريباً عائلة - قاعدة فى دائرة وبياكلوا – الله! دول طلعوا زينا أهوه - ... قعدنا برضو شوية على الأرض واتحركنا مع بداية الغروب ... مشينا لحد الكوبرى ... الكوبرى ده تحفة لوحده ... على أطرافه الأربعة تماثيل ذهبية على قمة أعمدة بيضاء عالية ... وسوره مكون من عواميد اسطوانية بيضاء قصيرة مطعمة بالذهب عند اتصالها بقمة السور وقاعدته ... مع وجود لوحة كبيرة ملتصقة بالسور فى أوله مزخرفة بالذهب ايضاً مكتوب عليها "بون الكسندر ااا" وتاريخ بناء الكوبرى ... الى جانب بعض التماثيل المعدنية الأخرى الصغيرة فوق السور فى موقعين مختلفين من كل ناحية من الكوبرى ... وتمثال ضخم مثبت الى جانب الكوبرى الخارجى بحيث يراه المار فى نهر السين تحت الجسر ... ضوء الغروب الأحمرمع كل الذهب المطعم به الكوبرى وتماثيله كان عامل لوحة خرافية
عبرنا الكوبرى الى محطة الأوتوبيس على يمين الكوبرى مباشرة حيث اخدنا أوتوبيس الى ميدان الكونكورد ... نزلنا فى طرف الميدان وعلى يميننا حديقة التوليرى وعلى شمالنا بداية شارع الشانزيليزيه ... كنا بندور على "بودا بار" ... رستوران – وبار – غنى عن التعريف ... بعد السؤال عرفنا ان لازم نعدى الميدان وندخل فى الشارع المقابل
مع عبورنا الشارع كان فيه أتوبيس سياحى عليه شعار "يوروديزنى" ... الأتوبيس من النوع المفتوح السطح بتاع الجولات السياحية فى الشوارع ... كان فيه كمية كبيرة من الناس على سطحه ... معرفش ايه اللى خللى "منى" تقف تصور المنظر ده ... لكن فجأة الناس دى كلها معرفش ازاى اكتشفت انهم بيتصورا ... قاموا كلهم واقفا وقعدوا يهللوا ويرفعوا ايديهم لفوق ويصوتوا وحاجات غريبة ... فرجوا علينا الميدان كله واحنا فطسانين على روحنا من الضحك ... وبعد ما هديوا شوية ونزلنا الكاميرا فضلوا يشاورولنا باى باى والأوتوبيس بيتحرك ... الظريف انهم كلهم اجمعوا على التصرف ده وهم أكتر من خمسين واحد من جميع الأعمار والأشكال ... ناس دماااااااااااااااااغ
وصلنا "بودا بار" ... فى شارع جانبى صغير لا يدل اطلاقا عن مكان بهذه الشهرة ... هنا معقل موسيقى "بودا بار" المشهورة اللى بدأت بدى جى كان ابن صاحب المكان ده وبيعمل اعادة توزيع لموسيقى من مختلف الثقافات – أكثرها من الشرق الأقصى – وانتشرت الموسيقى دى فى العالم كله ... المكان غريب ... المدخل صغير جداُ وفيه قاعتين صغيرتين على طرفى سلم يؤدى الى قاعة كبيرة يبدو انها الصالة الرئيسية ... ده الى جانب قاعة علوية...المكان كله ضلمة تماماً ومفيش غير ضوء الشموع ... وتمثال "بوذا" الشهير بارتفاع المكان كله يستقر فى منصف الصالة الرئيسية ... من كتر الناس الترابيزات لازقة فى بعضها جداً ... قعدنا على ترابيزة صغيرة جداً لاتنين وجنبنا ترابيزة تانية شبه لازقة فينا لكن لحسن الحظ كانت فاضية
طبعاً مفيش قدامى غير سى فوود ... طلبت أى حاجة لأن معظم الأصناف كانت مش مفهومة قوى ... يعنى ايه "جمبرى بالكارى فى ورق الموز"؟ ... جمبرى وكارى وعارفينهم ... لكن ايه دخل الموز دلوقتى؟ اكتشفت لما جه الأكل ... لقيت طبق اتحط قدامى فيه كتلة ملفوفة بورقة خضراء كبيرة فى شكل أسطوانة محطوطة فى منتصف الطبق ... فكيت اللفة دى لقيت جواها الجمبرى بالكارى ... بس كده ... وضحت؟ الصراحة الأكل كان لذيذ جداً والجو العام للمكان بموسيقى "بودا بار" فى الخلفية كان أكثر من رائع – بالرغم من كراهيتى الشديدة للأماكن المظلمة ... بتخنقنى ... لكن مع ذلك استمتعت جداً ... وطبعاُ منستش آخد السوفينير المعتاد ... عصايتين خشبيتين فى غلاف عليه اسم بودابار
دفعنا كام فى الموضوع ده كله؟ كل واحدة حوالى 50 يورو ... يعنى تقريباً 400 جنيه مصرى ... حتى الآن – ويا رب تكون آخر مرة – دى أغلى وجبة أكلتها فى حياتى ... لكن اعتبرناها تمن 4 أو 5 خروجات محترمة فى مصر ... أنسى الفلوس وعيش ... فاضل يوم واحد
رجعنا بالمترو للشانزيليزيه ... كانت الساعة داخلة على 12:30 ... خلاص فقدنا ... آخر يومين ومعندناش استعداد ا نفكر فى أوقات دخول وخروج ولا أى حاجة ممكن تحصل زى امبارح ... بنفكر بس ازاى نستغل كل دقيقة فاضلة ... ثم ان قطان كان عامل اللى عليه وزيادة ... كل يوم يكلمنا بالليل يعرف احنا فين وهنرجع امتى ... طبعاً كان فرحان بينا أوى لما كل يوم الساعة 11 و12 يلاقينا لسه فى الشارع
دخلنا الأوتيل وفتح لنا الأخ البنجلاديشى ... كان اسمه "قاسم" ... ده بقى كان قصة تانية ... كل يوم يفتحلنا الباب متأخر فيحسسنا انه بابا وقاعد مستنى الهوانم بناته لما يشرفوا ... وكان ناقص يطلع يغطينا والله ... كان راجل طيب جداً ولطيف ... كل يوم يستقبلنا بابتسامته الطيبة ويسألنا عملنا ايه النهاردة واتبسطنا وللا لأ وكده ... فى الليلة دى كنت باتكلم معاه وفجأة بصلى بانزعاج وقاللى "عينيكى حمرا قوى ... انتى كويسة؟" ... قلتله انها تعبانة شوية بقالها كام يوم ...كنت عارفة ان عينى حمرا بلون الدم وشكلى زى اللى شاربة حاجة... كنت عايزة أكمل "ده تعب مش سكرانة والله" ... لو واحد تانى كان أكيييد قال جايين من البار عدل ... مبعدش كتير ... ما احنا كنا فى بار ... بودا بار