:اليوم الرابع عشر والأخير
صباح كئيب ... حتى الجو كان برد ومغيم وواضح انها مطرت اثناء الليل ... والجو العام السائد فى غرفتنا العزيزة هو الاكتئاب عموماً ... مبنكلمش بعض تقريباً ... قمنا من الساعة 8:00 نوضب الشنط ... مفيش مكان نحط رجلينا على الأرض من كتر الشنط حتى انى كنت باعدى برجلى "جوة" شنطة فاضية كانت فى الطريق عشان أعدى من مكان لآخر
نزلت شنطة كبيرة من شنطى مع شنطة ل"منى" سبتهم فى الريسبشن وسبقتها الى الشارع ... كنت عايزة اشترى شوية حاجات من "مونوبرى" قبل ما نمشى ... أما هى فكانت على ميعاد مع واحد صديق والدها كان المفروض انه هييجى يوصلنا المطار
مشيت لآخر مرة فى شارعنا الجميل الضيق بسوق الفاكهة بشكلها وألوانها اللى تفتح النفس ومحل "بول" اياه على ناصيته ... كنت بدأت أفتقد كل ده من دلوقتى ... دخلت "مونوبرى" اللى فى الجهة المقابلة لشارعنا ... قضيت حوالى ساعة أو أقل قبل ما أرجع الأوتيل عشان أحط الحاجة اللى اشتريتها فى الشنطة ... لقيت "منى" نزلت ونزلت معظم شنطها فى الريسبشن برضو ... قلت أروح الشانزيليزيه أتمشى تمشية وداع ... ركبت المترو لآخر مرة ... محطة واحدة نزلتنى عند قوس النصر ... مشيت مع احساس مختلط من السعادة برحلتى عموماً وانى بتمشى دلوقتى فى الشانزيليزيه وشعور بالتعاسة ان الفترة دى قربت تنتهى بعد أقل من ساعتين ... وصلت الى محل "بول" بتاع المخبوزات اياه لكن فرع الشانزيليزيه ... اشتريت البان أو ريزان المعهود مع كوب نسكافيه وطلعت قعدت على بنش قصاد المحل اتابع حركة السيارات فى الشارع الفسيح وحركة الحمام اللى بياكل من الأرض حواليا وتحت رجلى
خلصت إفطارى ومشيت لحد "مونوبرى" تانى – المرة دى الفرع اللى على ناصية شارع الأوتيل القديم – ودخلت اشترى شوية حاجات افتكرتها فى آخر لحظة ... بدأت أمشى فى اتجاه الرجوع وجاتلى مكالمة من "منى" بتستعجلنى ... فعلاً كانت الساعة 12 تقريباً ... ميعاد المغادرة من الأوتيل
وصلت الأوتيل لقيت راجل كبير واقف قدام الأوتيل بيتكلم فى التليفون ... كان شكله مصرى فقدرت انه هو صاحب والد "منى" ... طلعت الأوضة لقيتها مستعدة ... آخدنا بقية الشنط ونزلنا ... طلع تخمينى صحيح ... هوه ده أونكل "فؤاد" ... وريناه المأساة ... عدد الشنط وأحجامها ... خمس شنط كبيرة واتنين هاند باج ولاب توب ... يا نهااااااار ... مكنتش مصدقة ... شكلهم لما اتجمعوا جنب بعض كان كارثة ... قال لنا هيروح يحاول يجيب العربية قدام الأوتيل عشان مانشيلش كل ده ... عنها وغاب حوالى نص ساعة ... قلنا الراجل أكيد اتصدم من منظر الشنط وقال يهرب بجلده من التوصيلة دى
وقفنا نتكلم شوية مع صاحب الأوتيل لحد ما أونكل يرجع ... ايرانى كردى الأصل هو – صاحب الأوتيل – اسمه "حسن كاريمى" ... اتكلم معانا كتير عن مصر والسياسة وفرنسا واتبادلنا التليفونات عشان لو فكر يزور مصر نرضله جمايله اللى غرقتنا دى فى أوتيل أوسع شوية من بتاعه ده
الحمد لله أونكل رجع بعد فترة لكن معرفش يدخل الشارع بالعربية فركنها على الناصية برة ... آخدنا الشنط بالدور على أكثر من مرة ... العربية جولف صغيرة ... اتغطت بالشنط من فوق لتحت وبالطول والعرض حتى مبقاش فيه غير مكان ضيق أقعد فيه – الحمد لله انه متوفر أصلاً لأن كان فيه اقتراح لطيف من "منى" انى احصلهم بالمترو ... أكيد كانت بتهزر ... - تفتكروا كان جد؟ - والكرسى الأمامى ل"منى" وجنبها شنطة كمان ... كان ناقص أونكل ياخد شنطة كمان على رجله وهو سايق
عدينا فى الطريق على قوس النصر ولفينا حواليه مرة آخدت خلالها آخر صور آخدتها جوة باريس من شباك العربية وكانت لقوس النصر من زوايا مختلفة ... ثم آخذنا الطريق الدائرى المحيط بالمدينة حتى مطار أورلى
وصلنا مطار "أورلى" فى الواحدة والنصف تقريباً ... لا يمكن يكون ده هو نفسه مطار أورلى اللى وصلنا فيه من أسبوعين ومكنش فيه غيرنا ... كم رهيب من البشر ... أقصد من العرب ... تعرف انهم عرب منين؟ اذا ماكنتش سامع اللغة فأكيد هتسمع "تون" الصوت العالى المميز لما العرب بيكلموا بعض ... وأكيد هتاخد بالك من "الكراتين" المعدية فوق الترولليهات رايحة جاية ... وأكييد أكيد هتلاحظ ان الدنيا مبعترة وكل واحد واقف أو ماشى فى اتجاه و الناس بتخبط فى بعض
مشينا طريق طويييييييل بطول الصالة كلها لمنطقة ال"ديتاكساشن" – معرفش ترجمتها لكن المفروض تروح هناك بفواتير الحاجات اللى شاريها وعليها "ديتاكس" ويرجعولك فرق الضريبة – عشان "منى" تخلص حاجاتها ... أنا مكنش معايا أى حاجة عليها "ديتاكس" فقعدت أنا وأونكل فؤاد على بنش نستناها ... هو راجل لطيف جداً ... دكتور فى جامعة السوربون وعايش فى فرنسا بقاله 30 سنة
المرحلة التانية كان لازم ننزل فى الأسانسير للدور السفلى علشان نعمل "بوردينج" ... فيلم الرعب هيبتدى بقى ... الوزن ... وقفنا فى الطابور نتخيل أسوأ الاحتمالات ... معناش ولا مليم ندفعه زيادة ... وعلى منظر الشنط كده أكيييييييد هندفع ... المشكلة الأولانية كانت انهم ملاقوش اسم "منى" على الطيارة ... أهلاً ... فرحت هى قوى ساعتها ... على الأقل ده معناه انها مش هترجع مصر دلوقتى وتبقى جت من عندهم ... لكن لسوء حظها لقوه فى الآخر ... هترجع يعنى هترجع ... لا داعى للهرب ... ثم كان وقت الميزان ... ووقت الميزان يكرم المرء أو يهان ... أول شنطة اتوزنت كانت شنطة متوسطة الحجم – مش من التلاتة الكبار حتى – وطلعت 22 كيلو ... طبعاً دى لوحدها يبقى هندفع يعنى هندفع ... المفروض كل واحدة فينا ليها لحد حوالى 45 كيلو – مصر للطيران بقى وتفاريح - ... لكن حتى مع الكرم الحاتمى ده لمصر للطيران تفتكروا طلع الوزن الاجمالى كام؟؟؟ 102 كيلو ... يعنى أكتر من 10 كيلو زيادة ... وكل كيلو المفروض يدفع عنه 20 يورو ... يعنى أكتر من 200 يورو ... أونكل قعد يحاول يتفاهم مع الراجل الفرنساوى الإتم لكن كان إتم فعلاً ومنشف دماغه ... اتدخل موظف تانى هندى كده – أو باكستانى – وأونكل كان قرب يشحت علينا ... ان احنا طلبة ومفلسين وزمايلنا سافروا وسابولنا حاجات – هما شنطتين بلاستيك سابهم "زهران" ميطلعوش 400 جرام وحياتك ... ووو ... الى آخره لحد ما الأخ الهندى عدى الموضوع – تقريباً أونكل ظبطه بكام يورو برضو ... حتى هناك فيه الكلام ده؟ - وكمان قالوا لازم ندفع كل واحدة 20 يورو عشان تأجيل تذاكرنا رغم اننا دافعين فى مصر ... بس هتتناقش فى ايه هناك؟ يا الدفع يا البيات على رصيف المطار ... أونكل ربنا يكرمه دفعهم من جيبه ... يا لاهوي ... الراجل دكتور محترم ... بهدلناه معانا آخر بهدلة ... من أول شيل الشنطة وحشرها فى العربية لزق التروللى بتاعنا بنفسه طول الوقت تقريباً للشحاتة علينا فى منطقة الوزن لدفع غرامة من جيبه! وكمان بعد ده كله خدنا وطلعنا قعدنا فى الكافيتريا وقام بنفسه جابلنا حاجة نشربها ... يا نهاااار! بجد كنت مكسوفة منه جداً ومبعرفش أتكلم فى المواقف دى
قعدنا حوالى 20 دقيقة ثم توجهنا للصالة العلوية عشان البوردينج ... سلمنا على أونكل ولسانا عاجز عن الشكر أو الاعتذار عن كل البهدلة دى وفضل متابعنا لغاية ما عدينا جوة الصالة
وصلنا لنقطة تفتيش ... كل واحد بيحط الشنط على السير وياخد سبت بلاستيك يحط فيه أى حاجة معدن ... قلعنا الساعات والاكسسوارات وكل حاجة ممكنة ... الراجل بتاع الأمن اللى واقف شاورلى أقلع الجاكت ... قلعنا ... شاورلى على منطقة الحزام فرفعت القميص قليلاُ وهزيت رأسى بالنفى انى مش لابسة واحد ... لكن "منى" قلعوها حزامها ... ايه ده؟ حسيت بالارهاب بجد ... كنت متوترة لدرجة انى مخدتش بالى انى محططش شنطة "منى" اللى كانت سايباها فى عهدتى على السير وسبتها على الأرض ... عدينا من الجهاز وكان فيه واحدة من الأمن تانية وقفة عند نهاية السير ... طلبت من "منى" فتح شنطتها الهاند باج لتفتيشها ... وصادرت منها إزازة بارفان وكريم تقريباً ... فجأة سمعت صوت بتاع الأمن بيزعق بصوت عالى من الناحية التانية من البوابة ولقيت "منى" جريت تجيب الشنطة اللى اكتشفت لحظتها انى أنا اللى سبتها على الأرض هناك ... بتاع الأمن زعق ل"منى" اللى رجعتلى ووشها محتقن من الغيظ ... منى طبعاً ... اتكسفت جداً واعتذرت لها بس دى مكنش فيها اعتذار ... لو الشنطة كانت فضلت شوية كان الأمن هياخدها وهتتفتش ولو ملقولهاش صاحب هيعدموها ... الحمد لله مكنش عندنا وقت تطلع غيظها فيا لحظتها ... لبسنا هدومنا ورجعتلنا آدميتنا اللى اتبعترت فى أسلوب التفتيش ده وكملنا طريقنا
مشينا طريق طويل لحد صالة الانتظار للطيارة بتاعتنا ... قعدنا حوالى 20 دقيقة كمان على ما طلعنا الطيارة ... كنا واقفين فى الصالة بنبص لطيارة مصر للطيران اللى هترجعنا بنظرات كراهية ... الاكتئاب بلغ منا مبلغه خصوصاً مع بداية استقرارنا فى كراسينا داخل الطيارة ... مع بداية اكتشافنا ان احنا بقينا فى مصر خلاص أصلاً ... بتصرفات الناس الهمجية ... كأننا دخلنا سوق مش طيارة ... ناس بتتخانق على الكراسى وناس بتتخانق على مخدات النوم والدوشة المعتادة عند وجود أى عدد من المصريين باصواتهم العالية ... الشعب المصرى كله عنده مشاكل سمعية تقريباً ... ظاهرة لابد من دراستها
افتكرت ان "زهران" كان بيشغلنا ع الموبايل أغنية "مشربتش من نيلها؟" ... شربت ... بس شربت من السين برضو ... ايه رأيك؟ ... واخترت السين ... ايه رأيك؟ ... ماهو الأخ "هيرودوت" لما قال ان اللى يشرب من مية النيل لازم يرجعله تانى ... أولاً وقتها مكنش بيشرب من نيل ملوث ... احنا بنشرب دلوقتى من براميل نستله حضرتك ... نيل ايه وقرف ايه؟ ... ثانيا اذا كان بيقول كده على النيل ... يبقى أكيد مازارش السين ... طب أنا ذنبى ايه ؟ أفضل مقيدة بجملته دى ... مش يمكن مكنش معاه فلوس يروح أبعد من النيل؟ مش يمكن ملقاش طيارة توديه؟
ايه اللى أنا بهيسه ده! هطق ... بجد حتى وأنا فى مصر دلوقتى ... مجرد انى باكتب احداث اليوم ده عايشه اللحظات دى كأنى رجعت بالزمن فعلاً ... فبجد مكتئبة انى راجعة مصر ... "منى" كانت حالفة تقريباً لتعيط وهى ماشية ... وحذرتنى ان ده ممكن يحصل ... لكن الحمد لله ماحصلش ... يمكن عشان اللى حصل بعد كده شغلها شوية عن التفكير فى الموضوع ... ايه اللى حصل بقى؟
أنا أول ما قعدت طلبت مخدات وكوفرتات عشان النوم ... قعدت فترة قلقانة وبعدين رحت فى النوم ... صحيت فجأة و"منى" بتصحينى عشان الأكل جه ... فتحت عينى واذا بعينى الشمال بتوجعنى جداً وبتدمع بصورة متواصلة ... شلال دموع منهمر من عينى مش عارفة أوقفه ... الراجل المضيف كان واقف جنبى بالتروللى بتاع الأكل فسابه ولقيته خدنى من دراعى يقومنى أروح أغسل عنيا ... كان الموضوع مفاجىء ليا وسريع قوى وأنا لسه صاحية من النوم فجأة فكنت مخضوضة جداً لدرجة انى مكنتش عارفة أتكلم تقريباً ... الراجل سبقنى لآخر الطيارة عند الحمام و"منى" قامت سحبتنى من ايدى وراها وانا مش شايفة أى حاجة ... حسيت عينى طارت خلاص ... ألم فظيع ودموع مش بتقف ... خلعت العدسات اللاصقة وغسلت عينى أكثر من مرة ... رجعنا مكاننا وكانت الدموع توقفت قليلا لكن الألم مستمر ومش عارفة أفتح عينى الشمال خالص ... فضلت كده شوية والأكل جه ... معرفتش أتعامل طبعاً بشكلى ده ... "منى" قطعتلى الفراخ وكان ناقص تأكلنى ... البنت والله تعبت معايا ... كنت حاساها بتفكر هتعمل ايه فيا بالشكل ده لما نوصل؟ ورانا جوازات وشنط وتفتيش وأكيد مش طلباها تجر واحدة مبتشفش وراها كمان
غمضت عينى ونمت شوية كمان ... صحيت لقيت "منى" نايمة ... عينى الحمد لله هدأت شوية وبقيت عارفة أفتحها ... مفيش شوية وبدأنا اللاندينج ... الغريب ان دى كانت المرة الوحيدة اللى ركبت فيها طيارة ومتعبتش من الضغط عند اللاندينج ... عادة كنت باتألم لدرجة الصراخ من ألم ودانى – باختصار انا لازملى كونسولتو دكاترة يصاحبنى طوال فترة سفرى فى أى مكان مع كل الأمراض والأعراض اللى عديت بيها طول السفرية دى من أول القولون العصبى والجيوب الأنفية والحساسية والتهاب الزورنهاية بتقرحات القدمين والتهاب العينين وآلام الأذن – لكن المرة دى محستش بحاجة تقريباً ... يمكن ده ليه دخل بموضوع عينى؟ ... ما علينا ... صحيت "منى" وبدأنا نستعد للهبوط من الطيارة ... الناس كلها قامت من مكانها حتى قبل اعادة الأنوار ... وبدأ التزاحم للنزول ... ما كل الناس هتنزل ... حاجة غريبة! يعنى هما هيسبوك فى الطيارة ويقفلوا عليك؟
خلصت إفطارى ومشيت لحد "مونوبرى" تانى – المرة دى الفرع اللى على ناصية شارع الأوتيل القديم – ودخلت اشترى شوية حاجات افتكرتها فى آخر لحظة ... بدأت أمشى فى اتجاه الرجوع وجاتلى مكالمة من "منى" بتستعجلنى ... فعلاً كانت الساعة 12 تقريباً ... ميعاد المغادرة من الأوتيل
وصلت الأوتيل لقيت راجل كبير واقف قدام الأوتيل بيتكلم فى التليفون ... كان شكله مصرى فقدرت انه هو صاحب والد "منى" ... طلعت الأوضة لقيتها مستعدة ... آخدنا بقية الشنط ونزلنا ... طلع تخمينى صحيح ... هوه ده أونكل "فؤاد" ... وريناه المأساة ... عدد الشنط وأحجامها ... خمس شنط كبيرة واتنين هاند باج ولاب توب ... يا نهااااااار ... مكنتش مصدقة ... شكلهم لما اتجمعوا جنب بعض كان كارثة ... قال لنا هيروح يحاول يجيب العربية قدام الأوتيل عشان مانشيلش كل ده ... عنها وغاب حوالى نص ساعة ... قلنا الراجل أكيد اتصدم من منظر الشنط وقال يهرب بجلده من التوصيلة دى
وقفنا نتكلم شوية مع صاحب الأوتيل لحد ما أونكل يرجع ... ايرانى كردى الأصل هو – صاحب الأوتيل – اسمه "حسن كاريمى" ... اتكلم معانا كتير عن مصر والسياسة وفرنسا واتبادلنا التليفونات عشان لو فكر يزور مصر نرضله جمايله اللى غرقتنا دى فى أوتيل أوسع شوية من بتاعه ده
الحمد لله أونكل رجع بعد فترة لكن معرفش يدخل الشارع بالعربية فركنها على الناصية برة ... آخدنا الشنط بالدور على أكثر من مرة ... العربية جولف صغيرة ... اتغطت بالشنط من فوق لتحت وبالطول والعرض حتى مبقاش فيه غير مكان ضيق أقعد فيه – الحمد لله انه متوفر أصلاً لأن كان فيه اقتراح لطيف من "منى" انى احصلهم بالمترو ... أكيد كانت بتهزر ... - تفتكروا كان جد؟ - والكرسى الأمامى ل"منى" وجنبها شنطة كمان ... كان ناقص أونكل ياخد شنطة كمان على رجله وهو سايق
عدينا فى الطريق على قوس النصر ولفينا حواليه مرة آخدت خلالها آخر صور آخدتها جوة باريس من شباك العربية وكانت لقوس النصر من زوايا مختلفة ... ثم آخذنا الطريق الدائرى المحيط بالمدينة حتى مطار أورلى
وصلنا مطار "أورلى" فى الواحدة والنصف تقريباً ... لا يمكن يكون ده هو نفسه مطار أورلى اللى وصلنا فيه من أسبوعين ومكنش فيه غيرنا ... كم رهيب من البشر ... أقصد من العرب ... تعرف انهم عرب منين؟ اذا ماكنتش سامع اللغة فأكيد هتسمع "تون" الصوت العالى المميز لما العرب بيكلموا بعض ... وأكيد هتاخد بالك من "الكراتين" المعدية فوق الترولليهات رايحة جاية ... وأكييد أكيد هتلاحظ ان الدنيا مبعترة وكل واحد واقف أو ماشى فى اتجاه و الناس بتخبط فى بعض
مشينا طريق طويييييييل بطول الصالة كلها لمنطقة ال"ديتاكساشن" – معرفش ترجمتها لكن المفروض تروح هناك بفواتير الحاجات اللى شاريها وعليها "ديتاكس" ويرجعولك فرق الضريبة – عشان "منى" تخلص حاجاتها ... أنا مكنش معايا أى حاجة عليها "ديتاكس" فقعدت أنا وأونكل فؤاد على بنش نستناها ... هو راجل لطيف جداً ... دكتور فى جامعة السوربون وعايش فى فرنسا بقاله 30 سنة
المرحلة التانية كان لازم ننزل فى الأسانسير للدور السفلى علشان نعمل "بوردينج" ... فيلم الرعب هيبتدى بقى ... الوزن ... وقفنا فى الطابور نتخيل أسوأ الاحتمالات ... معناش ولا مليم ندفعه زيادة ... وعلى منظر الشنط كده أكيييييييد هندفع ... المشكلة الأولانية كانت انهم ملاقوش اسم "منى" على الطيارة ... أهلاً ... فرحت هى قوى ساعتها ... على الأقل ده معناه انها مش هترجع مصر دلوقتى وتبقى جت من عندهم ... لكن لسوء حظها لقوه فى الآخر ... هترجع يعنى هترجع ... لا داعى للهرب ... ثم كان وقت الميزان ... ووقت الميزان يكرم المرء أو يهان ... أول شنطة اتوزنت كانت شنطة متوسطة الحجم – مش من التلاتة الكبار حتى – وطلعت 22 كيلو ... طبعاً دى لوحدها يبقى هندفع يعنى هندفع ... المفروض كل واحدة فينا ليها لحد حوالى 45 كيلو – مصر للطيران بقى وتفاريح - ... لكن حتى مع الكرم الحاتمى ده لمصر للطيران تفتكروا طلع الوزن الاجمالى كام؟؟؟ 102 كيلو ... يعنى أكتر من 10 كيلو زيادة ... وكل كيلو المفروض يدفع عنه 20 يورو ... يعنى أكتر من 200 يورو ... أونكل قعد يحاول يتفاهم مع الراجل الفرنساوى الإتم لكن كان إتم فعلاً ومنشف دماغه ... اتدخل موظف تانى هندى كده – أو باكستانى – وأونكل كان قرب يشحت علينا ... ان احنا طلبة ومفلسين وزمايلنا سافروا وسابولنا حاجات – هما شنطتين بلاستيك سابهم "زهران" ميطلعوش 400 جرام وحياتك ... ووو ... الى آخره لحد ما الأخ الهندى عدى الموضوع – تقريباً أونكل ظبطه بكام يورو برضو ... حتى هناك فيه الكلام ده؟ - وكمان قالوا لازم ندفع كل واحدة 20 يورو عشان تأجيل تذاكرنا رغم اننا دافعين فى مصر ... بس هتتناقش فى ايه هناك؟ يا الدفع يا البيات على رصيف المطار ... أونكل ربنا يكرمه دفعهم من جيبه ... يا لاهوي ... الراجل دكتور محترم ... بهدلناه معانا آخر بهدلة ... من أول شيل الشنطة وحشرها فى العربية لزق التروللى بتاعنا بنفسه طول الوقت تقريباً للشحاتة علينا فى منطقة الوزن لدفع غرامة من جيبه! وكمان بعد ده كله خدنا وطلعنا قعدنا فى الكافيتريا وقام بنفسه جابلنا حاجة نشربها ... يا نهاااار! بجد كنت مكسوفة منه جداً ومبعرفش أتكلم فى المواقف دى
قعدنا حوالى 20 دقيقة ثم توجهنا للصالة العلوية عشان البوردينج ... سلمنا على أونكل ولسانا عاجز عن الشكر أو الاعتذار عن كل البهدلة دى وفضل متابعنا لغاية ما عدينا جوة الصالة
وصلنا لنقطة تفتيش ... كل واحد بيحط الشنط على السير وياخد سبت بلاستيك يحط فيه أى حاجة معدن ... قلعنا الساعات والاكسسوارات وكل حاجة ممكنة ... الراجل بتاع الأمن اللى واقف شاورلى أقلع الجاكت ... قلعنا ... شاورلى على منطقة الحزام فرفعت القميص قليلاُ وهزيت رأسى بالنفى انى مش لابسة واحد ... لكن "منى" قلعوها حزامها ... ايه ده؟ حسيت بالارهاب بجد ... كنت متوترة لدرجة انى مخدتش بالى انى محططش شنطة "منى" اللى كانت سايباها فى عهدتى على السير وسبتها على الأرض ... عدينا من الجهاز وكان فيه واحدة من الأمن تانية وقفة عند نهاية السير ... طلبت من "منى" فتح شنطتها الهاند باج لتفتيشها ... وصادرت منها إزازة بارفان وكريم تقريباً ... فجأة سمعت صوت بتاع الأمن بيزعق بصوت عالى من الناحية التانية من البوابة ولقيت "منى" جريت تجيب الشنطة اللى اكتشفت لحظتها انى أنا اللى سبتها على الأرض هناك ... بتاع الأمن زعق ل"منى" اللى رجعتلى ووشها محتقن من الغيظ ... منى طبعاً ... اتكسفت جداً واعتذرت لها بس دى مكنش فيها اعتذار ... لو الشنطة كانت فضلت شوية كان الأمن هياخدها وهتتفتش ولو ملقولهاش صاحب هيعدموها ... الحمد لله مكنش عندنا وقت تطلع غيظها فيا لحظتها ... لبسنا هدومنا ورجعتلنا آدميتنا اللى اتبعترت فى أسلوب التفتيش ده وكملنا طريقنا
مشينا طريق طويل لحد صالة الانتظار للطيارة بتاعتنا ... قعدنا حوالى 20 دقيقة كمان على ما طلعنا الطيارة ... كنا واقفين فى الصالة بنبص لطيارة مصر للطيران اللى هترجعنا بنظرات كراهية ... الاكتئاب بلغ منا مبلغه خصوصاً مع بداية استقرارنا فى كراسينا داخل الطيارة ... مع بداية اكتشافنا ان احنا بقينا فى مصر خلاص أصلاً ... بتصرفات الناس الهمجية ... كأننا دخلنا سوق مش طيارة ... ناس بتتخانق على الكراسى وناس بتتخانق على مخدات النوم والدوشة المعتادة عند وجود أى عدد من المصريين باصواتهم العالية ... الشعب المصرى كله عنده مشاكل سمعية تقريباً ... ظاهرة لابد من دراستها
افتكرت ان "زهران" كان بيشغلنا ع الموبايل أغنية "مشربتش من نيلها؟" ... شربت ... بس شربت من السين برضو ... ايه رأيك؟ ... واخترت السين ... ايه رأيك؟ ... ماهو الأخ "هيرودوت" لما قال ان اللى يشرب من مية النيل لازم يرجعله تانى ... أولاً وقتها مكنش بيشرب من نيل ملوث ... احنا بنشرب دلوقتى من براميل نستله حضرتك ... نيل ايه وقرف ايه؟ ... ثانيا اذا كان بيقول كده على النيل ... يبقى أكيد مازارش السين ... طب أنا ذنبى ايه ؟ أفضل مقيدة بجملته دى ... مش يمكن مكنش معاه فلوس يروح أبعد من النيل؟ مش يمكن ملقاش طيارة توديه؟
ايه اللى أنا بهيسه ده! هطق ... بجد حتى وأنا فى مصر دلوقتى ... مجرد انى باكتب احداث اليوم ده عايشه اللحظات دى كأنى رجعت بالزمن فعلاً ... فبجد مكتئبة انى راجعة مصر ... "منى" كانت حالفة تقريباً لتعيط وهى ماشية ... وحذرتنى ان ده ممكن يحصل ... لكن الحمد لله ماحصلش ... يمكن عشان اللى حصل بعد كده شغلها شوية عن التفكير فى الموضوع ... ايه اللى حصل بقى؟
أنا أول ما قعدت طلبت مخدات وكوفرتات عشان النوم ... قعدت فترة قلقانة وبعدين رحت فى النوم ... صحيت فجأة و"منى" بتصحينى عشان الأكل جه ... فتحت عينى واذا بعينى الشمال بتوجعنى جداً وبتدمع بصورة متواصلة ... شلال دموع منهمر من عينى مش عارفة أوقفه ... الراجل المضيف كان واقف جنبى بالتروللى بتاع الأكل فسابه ولقيته خدنى من دراعى يقومنى أروح أغسل عنيا ... كان الموضوع مفاجىء ليا وسريع قوى وأنا لسه صاحية من النوم فجأة فكنت مخضوضة جداً لدرجة انى مكنتش عارفة أتكلم تقريباً ... الراجل سبقنى لآخر الطيارة عند الحمام و"منى" قامت سحبتنى من ايدى وراها وانا مش شايفة أى حاجة ... حسيت عينى طارت خلاص ... ألم فظيع ودموع مش بتقف ... خلعت العدسات اللاصقة وغسلت عينى أكثر من مرة ... رجعنا مكاننا وكانت الدموع توقفت قليلا لكن الألم مستمر ومش عارفة أفتح عينى الشمال خالص ... فضلت كده شوية والأكل جه ... معرفتش أتعامل طبعاً بشكلى ده ... "منى" قطعتلى الفراخ وكان ناقص تأكلنى ... البنت والله تعبت معايا ... كنت حاساها بتفكر هتعمل ايه فيا بالشكل ده لما نوصل؟ ورانا جوازات وشنط وتفتيش وأكيد مش طلباها تجر واحدة مبتشفش وراها كمان
غمضت عينى ونمت شوية كمان ... صحيت لقيت "منى" نايمة ... عينى الحمد لله هدأت شوية وبقيت عارفة أفتحها ... مفيش شوية وبدأنا اللاندينج ... الغريب ان دى كانت المرة الوحيدة اللى ركبت فيها طيارة ومتعبتش من الضغط عند اللاندينج ... عادة كنت باتألم لدرجة الصراخ من ألم ودانى – باختصار انا لازملى كونسولتو دكاترة يصاحبنى طوال فترة سفرى فى أى مكان مع كل الأمراض والأعراض اللى عديت بيها طول السفرية دى من أول القولون العصبى والجيوب الأنفية والحساسية والتهاب الزورنهاية بتقرحات القدمين والتهاب العينين وآلام الأذن – لكن المرة دى محستش بحاجة تقريباً ... يمكن ده ليه دخل بموضوع عينى؟ ... ما علينا ... صحيت "منى" وبدأنا نستعد للهبوط من الطيارة ... الناس كلها قامت من مكانها حتى قبل اعادة الأنوار ... وبدأ التزاحم للنزول ... ما كل الناس هتنزل ... حاجة غريبة! يعنى هما هيسبوك فى الطيارة ويقفلوا عليك؟
الساعة 10 تقريباً وصوت الكابتن بيهنينا بسلامة الوصول ويبشرنا "درجة الحرارة خارج الطائرة 32 درجة مئوية" ... يا نههههااااااااااار! احنا سايبين باريس فى درجة حرارة 17 ... العشر دقائق اللى قعدناهم فى الطيارة ما بين اللاندينج والنزول من الطيارة كنا هنفطس من الحر ... يا عم اطلغ غيرنا رأينا مش نازلين المحطة دى
دخلنا صالة الوصول ... كان فيه راجل بينده باسم "منى" ... كان "زهران" باعتلنا عسكرى يخلصنا من الاجراءات ... آخد باسبورتاتنا وعدينا من غير ما نمر على الجوازات ... ثم اتجهنا للسير عشان ناخد شنطنا ... كان الموضوع صعب قوى ... المكان زحمة جداً والسير صغير ... لازم نجيب اتنين تروللى ولازم واحدة تمسكهم والتانية تجيب الشنط من على السير ... خدت أنا موضوع التروللى و"منى" وقفت عند السير ... على ما اخدنا شنطنا كلها كانت مرت 15 دقيقة ... العسكرى جالنا تانى ومشى معانا لحد بوابات الخروج ... وقفنا الظابط للتفتيش ... اخدنا على جنب وطلب تفتيش شنطتين واحدة بتاعتى وواحدة بتاعتها ... بص للشنط وسألنا "انتو قعدتوا قد ايه؟" قلناله اسبوعين ... فسأل سؤال وجيه جداً "ومش شايفين ان الشنط دى كتييير شوية على أسبوعين؟" ... إممم ... أررر ... إحممم ... ما هو أصل .. ماهو يعنى ... كلمتين أى كلام هو عارف انها حجج وتلاكيك أصلاً بس عداها بمزاجه
أخيراً خلصنا الاجراءات ... شعور رائع بالحرية بعد كل القلق والتوتر بسبب الوزن والتفتيش وكل الاجراءات الثقيلة فى المطارين ... كل واحدة لقت أهلها أول ما خرجنا ... وزعنا الشنط اللى كانت متلخبطة على بعض وافترقنا
شوارع مصر بضوضاءها وترابها وزحمتها مرة أخرى ... عودٌ أحمد
دخلنا صالة الوصول ... كان فيه راجل بينده باسم "منى" ... كان "زهران" باعتلنا عسكرى يخلصنا من الاجراءات ... آخد باسبورتاتنا وعدينا من غير ما نمر على الجوازات ... ثم اتجهنا للسير عشان ناخد شنطنا ... كان الموضوع صعب قوى ... المكان زحمة جداً والسير صغير ... لازم نجيب اتنين تروللى ولازم واحدة تمسكهم والتانية تجيب الشنط من على السير ... خدت أنا موضوع التروللى و"منى" وقفت عند السير ... على ما اخدنا شنطنا كلها كانت مرت 15 دقيقة ... العسكرى جالنا تانى ومشى معانا لحد بوابات الخروج ... وقفنا الظابط للتفتيش ... اخدنا على جنب وطلب تفتيش شنطتين واحدة بتاعتى وواحدة بتاعتها ... بص للشنط وسألنا "انتو قعدتوا قد ايه؟" قلناله اسبوعين ... فسأل سؤال وجيه جداً "ومش شايفين ان الشنط دى كتييير شوية على أسبوعين؟" ... إممم ... أررر ... إحممم ... ما هو أصل .. ماهو يعنى ... كلمتين أى كلام هو عارف انها حجج وتلاكيك أصلاً بس عداها بمزاجه
أخيراً خلصنا الاجراءات ... شعور رائع بالحرية بعد كل القلق والتوتر بسبب الوزن والتفتيش وكل الاجراءات الثقيلة فى المطارين ... كل واحدة لقت أهلها أول ما خرجنا ... وزعنا الشنط اللى كانت متلخبطة على بعض وافترقنا
شوارع مصر بضوضاءها وترابها وزحمتها مرة أخرى ... عودٌ أحمد
باريس
القاهرة
2 comments:
اول حاجة فعلا انت تفرحي فعلا و فعلا انا فخور بيكي و كنت سعيد جدا و انا بقرا مغامراتك(فعلا مينفعش تتسمي غير كده) فعلا انت عملتي كل اللي نفسي فيه و زياده.
المهم لحظتي ازاي فيه فرق في الهدوء بين هنا و هناك هناك تحس ان الدنيا مش عصبيه زي هنا حتي رغم ان الناس بتنتج اكتر
أنا رجعت بقالى كام شهر دلوقتى ... لكن مأثر فيا جداً موضوع الهدوء النفسى ده ... أنا رأى ان المشكلة مش مشكلة أصوات أو ازدحام قد ما هى مشكلة مساحات وألوان ... بجد بجد مفتقدة جداً وجود ألوان حواليا ... سما زرقاء أويييييى ... جناين خضرا أويييييى ... هنا حاسة ان التراب خانقنينى ... رحته ولونه وكثرته بتموتنى
يااااااااا رب ... أجعل هذا بلداً آمنا وارزق أهله من الألوان والمساحات
:)
Post a Comment