جاء "سنجاى" متأخراً عن موعده نصف ساعة كاملة ... كنا قد لملمنا خلالها كل متاعنا وجلسنا فى صمت ننتظره حسب الموعد المتفق عليه بالأمس وهو الخامسة فجراً لبدأ الرحلة الى مدينة "جيبور" التى تقع على بعد 300 كم من دلهى
جاء وحده فأخذ حقائبنا ووضعها فى السيارة وانطلق بنا فى شوارع الهند النائمة حتى وصلنا بعد دقائق معدودة الى مبنى قصير من ثلاثة طوابق فتوقف أمامه ونزل فأخذ حقائبنا حيث كنا قد اتفقنا على تركهم بمنزله حتى نعود من رحلتنا ... دقائق معدودة وعاد وورائة فتاتين واحدة فى الثامنة من عمرها والأخرى فى السادسة تقريبا يرتدين ملابس المدرسة الكحلية ويحملون الحقائب المدرسية على ظهورهم – خيل الى انهم فى مدرسة حافظ ابراهيم بشبرا مع الزى والحمل الثقيل الذى ينوءون تحته... يا ترى هل ترك د. وزارة التربية والتعليم فى مصر ليتولاها هنا؟ - ... عرفنا "سنجاى" بهم ان الأولى هى ابنته الكبرى "سانيا" والصغرى هى"بارى" فوقفت اتبادل معم أطراف الحديث وهم فى انتظار أتوبيس المدرسة حتى جاءت "مهرو" أخيراً فى نفس التوقيت تقريباً الذى وصل فيه الأتوبيس فودعتنا الفتاتين بروح محبة وهم يدعوننى "دى-دى" وهو لقب يطلق على الأخت الكبرى ... وركب كل فى طريقه

انطلقنا بالسيارة وكانت الحياة قد بدأت تدب فى الشوارع مع تخطى الساعة السادسة ... لأول مرة أرى تلك المدينة بدون الازدحام الشديد الذى ينتشر فى كل ركن فيها يومياً ... قال "سنجاى" انه سيمر على بيت أخته فى "هاريانا" فى لطريق ليعطيها شىء ما ... بمجرد تخطينا الطريق السريع الرابط بين دلهى وهاريانا بدأت أتعرف على ملامح الولاية التى زرتها بالأمس فقط ... عير انه بدلاً من اتجاهنا الى "جورجون" حيث مقر الشركة دلفنا الى منطقة سكنية راقية تشبه فى تخطيتها ومبانيها القصيرة البيضاء أحياء التجمع الخامس وبقية المدن الجديدة المحيطة بالقاهرة الكبري ... طبعاً أنا وأمى كنا نفرك أعيننا بقوة رغبة فى الافاقة من هذا الحلم ... كانت هذه "أنظف" مبانى رأتها أعيننا منذ أربعة أيام كاملين .. حتى أنها سألت "سنجاى" ان كان يوجد فنادق هنا أو حتى شقق للايجار! ... كانت الشقة الصغيرة هنا بمثابة قصر باكنجهام مقارة بالفندق الحقير والمبانى الكالحة المحيطة بنا فى كل مكان بدلهى
قضى "سنجاى" مهمته ثم استأنفنا الرحلة ... لم تمض فترة طويلة حتى كنا عند البوابات حيث البداية الحقيقية للطريق الى "جيبور" ... بعدها مباشرة قامت "مهرو" باخراج "تورموس

بعد فترة ... طلب "سنجاى" شيئاً ما من زوجته فاخرجت من حقيبة الأكل الكبيرة كيس أزرق اللون يبدو ككيس ال"تشيبس" وان كان أصغر ثم أفرغت له فى كفه بعض من محتويات الكيس وهى عبارة عن حبيبات صغيرة ترابية اللون والشكل فألفاها فى فمه دفعة واحدة ... ثم انها مدت لى يدها بالكيس ان "تفضلى" .. سألته ما هو فقالت انها أعشاب للمضغ تساعده – أى زوجها- على التركيز والانتباه ... مددت يدى لأخذ من الكيس – ذوقيا وليس لرغبتى الشديدة فى التجربة خصوصا بعد الأشياء العجيبة التى أكلتها مع "أتول" بالأمس – فاذا بشىء ينغرس فى ساقى بحدة ... كانت يد أمى وهى "تزغدنى" مع أرسال نظرة مرعبة جمدت يدى فى مكانها قبل الوصول الى الكيس ... سألتها بصوت حاولت ان يبدو طبيعيا عن السبب فقالت كلمة واحدة : "مخدرات!" ... طبعا كدت ان اسقط على الأرض من الضحك ... ثم مددت يدى وأخذت قطعة صغيرة من الحبيبات الترابية تذوقتها بلسانى فى حين كانت أمى تجز على أسنانها من الغيظ ... كان طعمها مثل التراب ايضا فى الحقيقة ... اكتفيت بمضغ القطعة الصغيرة ولم استكمل الجدال مع أمى ... لكن الحقيقة انى شعرت بعدها بشعور انتعاش مع دوار طفيف ... ربما هو ايحاء ... عموماً لقد علمت بعد عودتى ان هذا الشىء واسمه "بان ماسالا" له شقيق هو نوع من المخدر يشبه "القات" الذى "يخزنه" أهل اليمن – التخزين هو ان يضع المرء بعض من هذه الحبيبات فى ركن فمه ويبقيها كذلك فترة – ولكن ما أكلته أنا يبدو انه نوع "خفيف" منه لا يعطى تأثير المخدر! والله أعلم! وربنا ستر الحمد لله ولم أدمنه! أنا شربت حشييييييييش يا سعاد!
مرت الثلاثة ساعات التى تفصل بين "دلهى" و"جيبور" سريعا وصلنا أخيراً بعد حوا

عدنا أدراجنا سيراً على الأقدام الى أول الشارع الذى دخلنا منه حيث كان أمامنا السلم الحجرى الصاع


ارتقينا السلالم الحجرية ثم عبرنا الى داخل القلعة عبر البوابة الرئيسية التى تدعى "سوراج بول" – أعتقد ان معناها بوابة الشمس - فاذا بنا داخل ساحة شديدة الاتساع ... فى صدرها عدد من الأعمدة المسقوفة وعن يمينها مبنى طويل من طابقين وله درجين منفصل


تجولنا قليلاَ تحت الساحة المسقوفة ثم اتجهنا الى الدرج الأيمن للمبنى الكبير على يمينتا ... بضع درجات وكنا أمام باب أبيض ضخم بخارجه وعلى الأرض عدد كبير من الأحذية والمفهوم طبعا ان علينا خلع الأحذية قبل الدخول ... فهذا هو معبد "



خرجنا من المعبد ونزلنا الدرج لنعتلى الدرج الآخر الموازى له فوصلنا الى بوابة علوية عبرت بنا الى ساحة أخرى بمنتصفها حوض منخفض يبدو انه كان فى يوم من الأيام مستقر لزروع ونباتات الا انه الآن يحتوى على تربة رملية فقط ... وعن اليمين هناك مبنى به عدد من النوافذ الزجاجية التى يظهر فى احدها كرسى من الكراسى التى كان يجلس عليها الأمراء ويحملها العبيد على أكتافهم ... أما على اليسار فمبنى صغير من طابق واحد مقسم الى عدة غرف... هذا يدعى "شيش محل" ... وهو مزخرف من ال


استغرقت الجولة فى القصر ما يقرب من الساعة والنصف ... انطلقنا بعدها الى السيارة لنستكمل الرحلة الى داخل مدينة "جيبور" نفسها ... فالقلعة تقع على بعد احد عشر كيلومترات خارج المدينة ... فى الطريق مررنا بموقع آخر قريب من القلعة وفى طريق نزولنا من على الجبل به مدفع حربى قديم ربما هو أضخم مدفع فى ال

ما ان نزلنا من على الجبل حتى كنا على طريق يختلف اختلاف تام عن الطريق الصاعد الى الجبل... فهو الآن كورنيش فسيح نظيف يحده الجبل يميناً وبحيرة تدعى "مان ساجار" يساراً ...وعلى بعد بضعة كيلومترات توقفنا مرة آخرى أمام مشهد من أشد المشاهد التى رأيتها روعة حتى الآن ... ففى وسط البحيرة ... وعلى مرمى بضعة أمتار من سور الكورنيش كان يقف هذا القصر الصغير الغارق فى مياه النهر فلا يظهر منه سوى طابق واحد وهو خامس أربع طوابق غرقت تماما تحت المياه ... ذلك هو "جال محل" ...القصر الغارق الذى تم بناؤه

كان هناك عربة من عربات الباعة الجائلين استرعت انتباهنا بجوار الكورنيش فى هذه المنطقة ... فهى مغطاة بعدد لا بأس به من مختلف أنواع الفاكهة والخضروات والموالح ايضاً ... وكان ما يتم بيعه جد غريب! ... فالبائع يقوم بتقطيع خليط من كل تلك الآشياء ليصنع طبق من ال "فروت سلاد

وبعد ... أخيرا وصلنا "جيبور" ... "جاى" تعنى "النصر" و "بور" تعنى "مدينة" .

عبرنا البوابة فاذا بنا فى شار


نزلت مع أمى و"مهرو" من السارة فى حين بقى "سنجاى" هناك وتوجهنا عبر ممر من المحلات الى الناحية الخلفية من القصر حيث البوابة الرئيسية التى عبرنا منها الى ساحة واسعة يحيط بها البناء الوردى من ثلاثة جهات ... وكان هناك مدخل على اليسار لسلم ... لا آسفة ... هو "مطلع" يؤدى غر


وصلت الى الطابق الأخير فاذا بى أقف فوق مدينة "جيبور" باكملها! المنظر أكثر من رائع حيث ترى كل تفاصيل المدينة الدقيقة بمبانيها الوردية قصيرة الارتفاع وشوارعه


كان هناك مكان للجلوس فيما يشبه الشرفة بالدور قبل الأخير حيث جلست أمى و"مهرو" ينتظرانى ريثما ألتقط بعض الصور ... نزلت اليهما فادركت لما سمى
المكان "هوا محل" ... فالهواء بالفعل يدخل من النوافذ الصغيرة من ثلاثة جهات فيملأ المكان كله بنسيم بارد جميل .... كان هناك سيدة أجنبية قد استلقت على متكأ تحت أحد النوافذ ويبدو ان "الهوا سطلها" ...!
نزلنا من القصر وتوجهنا الآن الى داخل المدينة ... خرجنا من البوابة المقابلة للباوار الكبير الى شوارع رئيسية أخرى لا يميز أبنيتها اللون الوردى اياه بل يغلب عليها اللون الأبيض ... مررنا بميدان كبير يتوسط شارع عريض تصطف أشجار شاهقة على جانبيه حتى وجدنا فى مقابلة هذا الميدان مبنى أبيض عريض هو ال "سيتى بالاس" أو قصر المدينة الذى تحول الى متحف الآن ... أو هو ليس المبنى كاملا بل واجهته فقط ... لم نستطع الدخول لأنه كان مغلقاً فى ذلك اليوم لكن ما سمعته ان القصر يحتوى على العديد من الأبنية والساحات والدواووين – تقسم قاعات الجلوس فى معظم القصور الهندية الى دواووين خاصة أى غرف لأهل البيت تسمى "ديوان-ى-كاص" ودوواوين عامة أى غرف للزوار والعامة و تسمى "ديوان-ى-آام" - الى جانب المساحات الشاسعة من الحدائق المحيطة به
عدنا أدراجنا الى البازار الذى أعرف الآن ان اسمه "جوهارى بازار" لكن تركنا السيارة فى ساحة انتظار عامة خارج البوابات ثم
ركبنا "أوتو ركشة" – توكتوك – الى داخل البازار ... المحلات الوردية مصفوفة جنباً الى جنب بطول الطريق ولكل
محل رقم مكتوب بوضوح على الواجهة المسقوفة التى تشبه الى حد كبير نظام البازارات الموجودة فى بورسعيد وشارع محمد على وبعد الأماكن فى الاسكندرية ... وليس عندى تفسير لذلك سوى التاريخ المشترك من الاستعمار الانجليزى

نزلنا من القصر وتوجهنا الآن الى داخل المدينة ... خرجنا من البوابة المقابلة للباوار الكبير الى شوارع رئيسية أخرى لا يميز أبنيتها اللون الوردى اياه بل يغلب عليها اللون الأبيض ... مررنا بميدان كبير يتوسط شارع عريض تصطف أشجار شاهقة على جانبيه حتى وجدنا فى مقابلة هذا الميدان مبنى أبيض عريض هو ال "سيتى بالاس" أو قصر المدينة الذى تحول الى متحف الآن ... أو هو ليس المبنى كاملا بل واجهته فقط ... لم نستطع الدخول لأنه كان مغلقاً فى ذلك اليوم لكن ما سمعته ان القصر يحتوى على العديد من الأبنية والساحات والدواووين – تقسم قاعات الجلوس فى معظم القصور الهندية الى دواووين خاصة أى غرف لأهل البيت تسمى "ديوان-ى-كاص" ودوواوين عامة أى غرف للزوار والعامة و تسمى "ديوان-ى-آام" - الى جانب المساحات الشاسعة من الحدائق المحيطة به
عدنا أدراجنا الى البازار الذى أعرف الآن ان اسمه "جوهارى بازار" لكن تركنا السيارة فى ساحة انتظار عامة خارج البوابات ثم


كان هدفنا الأول الذهاب الى أى مطع




تركنا الفندق وأنا أكاد أطير من الفرحة ... كانت الشمس تقترب من الغروب حين بدأنا الجولة الحرة فى السوق الكبير ...



أما الطامة الكبرى فكانت حين نظرت أمامى فوجدت هذا المشهد الذى لم أجرؤ على تصويره فأنا لا أعرف منظور الناس هنا لمن يصورون الرجال بالحمامات العامة!! نعععععععععم ... كان بإمكانى تصويرهم بالحمامات العامة أى والله العظيم ... الموضوع سهل جداً نظراً لأن هذه الحمامات لا سقف لها ولا باب ... هناك فقط جدار يفصل بين كل "حمام" والآخر الى جانب جدارين ساترين من الجانبين الأيمن والأيسر ... !!!أى ان الموضوع لا يعدو كونه بديل صناعى "للشجرة" التى يستخدمها السائقين على جانب الطريق الزراعى عندنا