Friday, July 25, 2008

المدينة الوردية - الجزء الأول - الهند 5


جاء "سنجاى" متأخراً عن موعده نصف ساعة كاملة ... كنا قد لملمنا خلالها كل متاعنا وجلسنا فى صمت ننتظره حسب الموعد المتفق عليه بالأمس وهو الخامسة فجراً لبدأ الرحلة الى مدينة "جيبور" التى تقع على بعد 300 كم من دلهى
جاء وحده فأخذ حقائبنا ووضعها فى السيارة وانطلق بنا فى شوارع الهند النائمة حتى وصلنا بعد دقائق معدودة الى مبنى قصير من ثلاثة طوابق فتوقف أمامه ونزل فأخذ حقائبنا حيث كنا قد اتفقنا على تركهم بمنزله حتى نعود من رحلتنا ... دقائق معدودة وعاد وورائة فتاتين واحدة فى الثامنة من عمرها والأخرى فى السادسة تقريبا يرتدين ملابس المدرسة الكحلية ويحملون الحقائب المدرسية على ظهورهم – خيل الى انهم فى مدرسة حافظ ابراهيم بشبرا مع الزى والحمل الثقيل الذى ينوءون تحته... يا ترى هل ترك د. وزارة التربية والتعليم فى مصر ليتولاها هنا؟ - ... عرفنا "سنجاى" بهم ان الأولى هى ابنته الكبرى "سانيا" والصغرى هى"بارى" فوقفت اتبادل معم أطراف الحديث وهم فى انتظار أتوبيس المدرسة حتى جاءت "مهرو" أخيراً فى نفس التوقيت تقريباً الذى وصل فيه الأتوبيس فودعتنا الفتاتين بروح محبة وهم يدعوننى "دى-دى" وهو لقب يطلق على الأخت الكبرى ... وركب كل فى طريقه

انطلقنا بالسيارة وكانت الحياة قد بدأت تدب فى الشوارع مع تخطى الساعة السادسة ... لأول مرة أرى تلك المدينة بدون الازدحام الشديد الذى ينتشر فى كل ركن فيها يومياً ... قال "سنجاى" انه سيمر على بيت أخته فى "هاريانا" فى لطريق ليعطيها شىء ما ... بمجرد تخطينا الطريق السريع الرابط بين دلهى وهاريانا بدأت أتعرف على ملامح الولاية التى زرتها بالأمس فقط ... عير انه بدلاً من اتجاهنا الى "جورجون" حيث مقر الشركة دلفنا الى منطقة سكنية راقية تشبه فى تخطيتها ومبانيها القصيرة البيضاء أحياء التجمع الخامس وبقية المدن الجديدة المحيطة بالقاهرة الكبري ... طبعاً أنا وأمى كنا نفرك أعيننا بقوة رغبة فى الافاقة من هذا الحلم ... كانت هذه "أنظف" مبانى رأتها أعيننا منذ أربعة أيام كاملين .. حتى أنها سألت "سنجاى" ان كان يوجد فنادق هنا أو حتى شقق للايجار! ... كانت الشقة الصغيرة هنا بمثابة قصر باكنجهام مقارة بالفندق الحقير والمبانى الكالحة المحيطة بنا فى كل مكان بدلهى
قضى "سنجاى" مهمته ثم استأنفنا الرحلة ... لم تمض فترة طويلة حتى كنا عند البوابات حيث البداية الحقيقية للطريق الى "جيبور" ... بعدها مباشرة قامت "مهرو" باخراج "تورموس" شاى وصبت لنا الشاى بحليب فى أكواب بلاستيكية يبدو انها تحمل عدة أكل كاملة مصاحبة لها ... ولفظة "شاى" هنا هى كلمة هندية ايضاً لكن تطلق على الشاى بحليب مثل محافظات الوجه القبلى فى مصر
بعد فترة ... طلب "سنجاى" شيئاً ما من زوجته فاخرجت من حقيبة الأكل الكبيرة كيس أزرق اللون يبدو ككيس ال"تشيبس" وان كان أصغر ثم أفرغت له فى كفه بعض من محتويات الكيس وهى عبارة عن حبيبات صغيرة ترابية اللون والشكل فألفاها فى فمه دفعة واحدة ... ثم انها مدت لى يدها بالكيس ان "تفضلى" .. سألته ما هو فقالت انها أعشاب للمضغ تساعده – أى زوجها- على التركيز والانتباه ... مددت يدى لأخذ من الكيس – ذوقيا وليس لرغبتى الشديدة فى التجربة خصوصا بعد الأشياء العجيبة التى أكلتها مع "أتول" بالأمس – فاذا بشىء ينغرس فى ساقى بحدة ... كانت يد أمى وهى "تزغدنى" مع أرسال نظرة مرعبة جمدت يدى فى مكانها قبل الوصول الى الكيس ... سألتها بصوت حاولت ان يبدو طبيعيا عن السبب فقالت كلمة واحدة : "مخدرات!" ... طبعا كدت ان اسقط على الأرض من الضحك ... ثم مددت يدى وأخذت قطعة صغيرة من الحبيبات الترابية تذوقتها بلسانى فى حين كانت أمى تجز على أسنانها من الغيظ ... كان طعمها مثل التراب ايضا فى الحقيقة ... اكتفيت بمضغ القطعة الصغيرة ولم استكمل الجدال مع أمى ... لكن الحقيقة انى شعرت بعدها بشعور انتعاش مع دوار طفيف ... ربما هو ايحاء ... عموماً لقد علمت بعد عودتى ان هذا الشىء واسمه "بان ماسالا" له شقيق هو نوع من المخدر يشبه "القات" الذى "يخزنه" أهل اليمن – التخزين هو ان يضع المرء بعض من هذه الحبيبات فى ركن فمه ويبقيها كذلك فترة – ولكن ما أكلته أنا يبدو انه نوع "خفيف" منه لا يعطى تأثير المخدر! والله أعلم! وربنا ستر الحمد لله ولم أدمنه! أنا شربت حشييييييييش يا سعاد!

مرت الثلاثة ساعات التى تفصل بين "دلهى" و"جيبور" سريعا وصلنا أخيراً بعد حوالى 4 ساعات كاملة الى جبل عالى تبدو على قمته قلعة ضخمة يمتد سورها بطول منحدر الجبل أمامنا فيبدو كنسخة مصغرة لسور الصين العظيم ... قيل لنا ان تلك هى قلعة "أمير بالاس" وهى تعود الى عهد الموجول الاسلامى البائد وتم بنائها فى القرن ال16. ارتقينا بالسيارة الطريق الصاعد الى أعلى الجبل مروراً بين بيوت متوسطة الحال تشكل ما يشبه قرية جبلية حتى وصلنا الى القمة فاذا بسور القلعة أمامنا مباشرة ... انحرفنا يساراً بمحاذاة السور حتى وصلنا الى ساجة فسيجة لانتظار السيارات تطل على هاوية الجبل فركنا السيارة وترجلنا. ذهبت أنا فاعتليت السور القصير أمامنا فاذا بى أطل على قرية كبيرة تحتنا وعدد لا بأس به من المعابد الهندوسية القديمة بشكل سقفها القمعى المعروف المنتشرة تحتنا هنا وهناك
عدنا أدراجنا سيراً على الأقدام الى أول الشارع الذى دخلنا منه حيث كان أمامنا السلم الحجرى الصاعد الى بوابة القلعة. وبجوار السور كان هناك شاب هندى يقف وراء ما يشبه قدرة فول كبيرة ملفوفة بقماش أحمر ثقيل. كان هذا هو ال"كولفى" ... نوع من الآيس كريم المحلى له طعم شنيع لا أنصح بتجربته اطلاقاً (خصوصاً بعد ال "هاجن داز" فى أوروبا حيث لا وجه للمقارنة بالمرة)
ارتقينا السلالم الحجرية ثم عبرنا الى داخل القلعة عبر البوابة الرئيسية التى تدعى "سوراج بول" – أعتقد ان معناها بوابة الشمس - فاذا بنا داخل ساحة شديدة الاتساع ... فى صدرها عدد من الأعمدة المسقوفة وعن يمينها مبنى طويل من طابقين وله درجين منفصلين ... أما عن اليسار فهى أرض فضاء تمرح فيها مجموعة من الأفيال المزينة بالأقمشة فاقعة اللون على ظهورها والأصباغ الملونة على رؤوسها وخراطيمها. هذه الساحة تدعى "جالب شوك" ويقال ان فى الأزمنة القدية كانت تلك الساحة تستخدم لمسيرة الاحتفالية بالجيوش العائدة الى المدينة
تجولنا قليلاَ تحت الساحة المسقوفة ثم اتجهنا الى الدرج الأيمن للمبنى الكبير على يمينتا ... بضع درجات وكنا أمام باب أبيض ضخم بخارجه وعلى الأرض عدد كبير من الأحذية والمفهوم طبعا ان علينا خلع الأحذية قبل الدخول ... فهذا هو معبد "كالى" المشهور بتماثيله وأبوابه الفضية ... وتقول الأساطير ان مشيد القلعة والمعبد المهراجا "مان سينغ" كان يعبد الإلهة كالى ... فظهرت له فى المنام وأمرته باستعادة تمثالها من بطن بحر "جيسور" – موقعه الآن فى بنجلاديش – وان يضعه أى التمثال فى معبد يليق به فكان ان فعل المهراجا ذلك وقام ببناء هذا المعبد لحفظ التمثال المذكور... خلعنا الأحذية ودخلنا متجهين اتجاهاً اجباريا لا خيار غيره الى اليسار من المدخل... على الرخام الأبيض البارد الملمس وقفنا وسط ساحة صغيرة فى صدرها منطقة يتجمهر عندها الناس ... أمامها يتدلى من السقف جرس فضى كبير ... يقرعه الداخل مرة واحدة قبل ان يتقدم الى تلك المنطقة المقدسة المفصولة عن الساحة والجمهور بسور قصير ... أما ما تحتويه هذه المنطقة فهو عدد قليل من التماثيل الفضية البراقة للآلهة "كرشنا" وعيره ...وكان الزوار من الهندوس يتقدمون فيصلون أمامها لبضع لحظات إما وقوفاً أو جلوساً على ركبهم ثم يقومون فيتقدمون من رجل يحمل فى إحدى يديه طبق به شىء من الصباغ الأحمر اللون وبيده الأخرى يضع نقطة صغيرة باصبعه الملطخ بالصبغة الحمراء على جبهة المصلى – من باب المباركة
خرجنا من المعبد ونزلنا الدرج لنعتلى الدرج الآخر الموازى له فوصلنا الى بوابة علوية عبرت بنا الى ساحة أخرى بمنتصفها حوض منخفض يبدو انه كان فى يوم من الأيام مستقر لزروع ونباتات الا انه الآن يحتوى على تربة رملية فقط ... وعن اليمين هناك مبنى به عدد من النوافذ الزجاجية التى يظهر فى احدها كرسى من الكراسى التى كان يجلس عليها الأمراء ويحملها العبيد على أكتافهم ... أما على اليسار فمبنى صغير من طابق واحد مقسم الى عدة غرف... هذا يدعى "شيش محل" ... وهو مزخرف من الخارج بقطع من المرايا كانت تلتمع تحت ضوء الشمس من أرضية المبنى حتى سقفه ... ويستطيع المرء فقط ان يتخيل كيف يبدو هذا المبنى شاهق البياض عندما ينعكس ضوء القمر على مراياه الدقيقة فى الليالى المقمرة!
استغرقت الجولة فى القصر ما يقرب من الساعة والنصف ... انطلقنا بعدها الى السيارة لنستكمل الرحلة الى داخل مدينة "جيبور" نفسها ... فالقلعة تقع على بعد احد عشر كيلومترات خارج المدينة ... فى الطريق مررنا بموقع آخر قريب من القلعة وفى طريق نزولنا من على الجبل به مدفع حربى قديم ربما هو أضخم مدفع فى العالم ... يقال ان الذى كان يلقمه بالبارود كان مصاباً بالصمم الدائم!
ما ان نزلنا من على الجبل حتى كنا على طريق يختلف اختلاف تام عن الطريق الصاعد الى الجبل... فهو الآن كورنيش فسيح نظيف يحده الجبل يميناً وبحيرة تدعى "مان ساجار" يساراً ...وعلى بعد بضعة كيلومترات توقفنا مرة آخرى أمام مشهد من أشد المشاهد التى رأيتها روعة حتى الآن ... ففى وسط البحيرة ... وعلى مرمى بضعة أمتار من سور الكورنيش كان يقف هذا القصر الصغير الغارق فى مياه النهر فلا يظهر منه سوى طابق واحد وهو خامس أربع طوابق غرقت تماما تحت المياه ... ذلك هو "جال محل" ...القصر الغارق الذى تم بناؤه خصيصاً من أجل رحلات صيد البط الملكية فى القرن الثامن عشر
كان هناك عربة من عربات الباعة الجائلين استرعت انتباهنا بجوار الكورنيش فى هذه المنطقة ... فهى مغطاة بعدد لا بأس به من مختلف أنواع الفاكهة والخضروات والموالح ايضاً ... وكان ما يتم بيعه جد غريب! ... فالبائع يقوم بتقطيع خليط من كل تلك الآشياء ليصنع طبق من ال "فروت سلاد" مع فارق المكونات التى تحتوى على خليط عجيب من التفاح والبرتقال والجوافة والخيار والفجل والطماطم ... وفوق هذا كله يقوم البائع برش الملح والفلفل وخليط آخر من البهارات عليه! ولله فى ذوق خلقه شؤون!






وبعد ... أخيرا وصلنا "جيبور" ... "جاى" تعنى "النصر" و "بور" تعنى "مدينة" ... فهى "مدينة النصر" ... و"جيبور" هذه هى عاصمة مقاطعة "راجستان" – بتعطيش الجيم – التى تعتبر الكبرى بين مقاطعات الهند الثمانية وعشرون ... وهكذا أصبحنا فى المدينة الوردية ... وكانت بالفعل اسم على مسمى ... فعند مدخل المدينة تستقبلك بوابات حجرية وردية اللون بدت لى كقطعة من أفلام سندباد ... أسرتنى المدينة من أول لحظة حتى شعرت انى أركب بساط طائر وليس سيارة "سنجاى" التاتا! ... الحقيقة انى لا أعرف من أى بوابة دخلنا ... فالمعروف ان للمدينة ثلاثة بوابات هى الشرقية والغربية والشمالية بالتحديد ... وهى تعد – كما قرأت – من أجمل وأحسن المدن تخطيطاً حيث تمتاز بشوارعها العريضة المستقيمة التى تتجه من الشرق الى الغرب ومن الشمال الى الجنوب
عبرنا البوابة فاذا بنا فى شارع عريض تصطف على جانبية المحلات من طابق واحد فقط فتستطيع ان ترى الشارع باكمله على امتداد بصرك فلا يعوق رؤيتك أى شذوذ فى الارتفاع ... أخيرا وجدت شىء مختلف انبهر به فى الهند أم العجائب! ... لكن بعد أقل من 10 دقائق كان لى موعد مع انبهار آخر! "هوا محل"!!! ... فى منتصف هذا الشارع تقريبا وعلى الجانب الأيمن من الطريق يقع هذا المبنى الهائل المكون من خمس طوابق من الحجر الرملى الأحمر الوردى والذى تتشكل واجهته بالكامل من مجموعة دقيقة من النوافذ يبلغ عددها 953 نافذة و التى كان يستخدمها "الحريم" لمراقبة الحياة اليومية فى الشوارع بدون ان يراهم المارة وهو نفس مبدأ المشربيات فى المعمار الإسلامى وقد تم بناء تلك الواجهة لتماثل تاج الإله الهندوسى "كرشنا" ... لا داعى طبعا لشرح معنى الاسم الذى يعكس مهمة تلك النوافذ الدقيقة فى تمرير الهواء بجميع انحاء القصر فيظل بارداً حتى فى أشد الشهور حرارة
نزلت مع أمى و"مهرو" من السارة فى حين بقى "سنجاى" هناك وتوجهنا عبر ممر من المحلات الى الناحية الخلفية من القصر حيث البوابة الرئيسية التى عبرنا منها الى ساحة واسعة يحيط بها البناء الوردى من ثلاثة جهات ... وكان هناك مدخل على اليسار لسلم ... لا آسفة ... هو "مطلع" يؤدى غرض السلم الا انه يتكون من منحدرات بدلا من درجات السلم ... وهو فى رأيى المتواضع تصميم عبقرى يجمع بين البساطة والسهولة فى الاستخدام خصوصاً لكبار السن ... كان مما لاحظته ايضا وجود الكثير من الكتابات على الحوائط على طريقة "ألف – قلب – ميم" – يعنى "أحمد بيحب منى" .... أو لأنهم هنود فيجب ان تعنى " أنكور بيحب ميجنا" أو شىء من هذا القبيل – غريب جدا مدى التشابه بين الثقافتين الهندية والمصرية خصوصاً عندما نتحدث عن الفوضوية وثقافة التخريب!
وصلت الى الطابق الأخير فاذا بى أقف فوق مدينة "جيبور" باكملها! المنظر أكثر من رائع حيث ترى كل تفاصيل المدينة الدقيقة بمبانيها الوردية قصيرة الارتفاع وشوارعها الطويلة المستقيمة المتجاورة والمتعامدة كأنما رسمت بالمسطرة ... ومن بعيد أرى موقع ال"جانتر مانتر" الذى قرأت عنه ... وهو عبارة عن مجموعة من الآلات الهندسية القياسية التى كانت تستخدم لحساب الوقت والتنبوء بكسوف الشمس ومتابعة مدارات النجوم والعديد من القياسات الفلكية الآخرى





كان هناك مكان للجلوس فيما يشبه الشرفة بالدور قبل الأخير حيث جلست أمى و"مهرو" ينتظرانى ريثما ألتقط بعض الصور ... نزلت اليهما فادركت لما سمى المكان "هوا محل" ... فالهواء بالفعل يدخل من النوافذ الصغيرة من ثلاثة جهات فيملأ المكان كله بنسيم بارد جميل .... كان هناك سيدة أجنبية قد استلقت على متكأ تحت أحد النوافذ ويبدو ان "الهوا سطلها" ...!
نزلنا من القصر وتوجهنا الآن الى داخل المدينة ... خرجنا من البوابة المقابلة للباوار الكبير الى شوارع رئيسية أخرى لا يميز أبنيتها اللون الوردى اياه بل يغلب عليها اللون الأبيض ... مررنا بميدان كبير يتوسط شارع عريض تصطف أشجار شاهقة على جانبيه حتى وجدنا فى مقابلة هذا الميدان مبنى أبيض عريض هو ال "سيتى بالاس" أو قصر المدينة الذى تحول الى متحف الآن ... أو هو ليس المبنى كاملا بل واجهته فقط ... لم نستطع الدخول لأنه كان مغلقاً فى ذلك اليوم لكن ما سمعته ان القصر يحتوى على العديد من الأبنية والساحات والدواووين – تقسم قاعات الجلوس فى معظم القصور الهندية الى دواووين خاصة أى غرف لأهل البيت تسمى "ديوان-ى-كاص" ودوواوين عامة أى غرف للزوار والعامة و تسمى "ديوان-ى-آام" - الى جانب المساحات الشاسعة من الحدائق المحيطة به
عدنا أدراجنا الى البازار الذى أعرف الآن ان اسمه "جوهارى بازار" لكن تركنا السيارة فى ساحة انتظار عامة خارج البوابات ثم ركبنا "أوتو ركشة" – توكتوك – الى داخل البازار ... المحلات الوردية مصفوفة جنباً الى جنب بطول الطريق ولكل محل رقم مكتوب بوضوح على الواجهة المسقوفة التى تشبه الى حد كبير نظام البازارات الموجودة فى بورسعيد وشارع محمد على وبعد الأماكن فى الاسكندرية ... وليس عندى تفسير لذلك سوى التاريخ المشترك من الاستعمار الانجليزى




كان هدفنا الأول الذهاب الى أى مطعم لتناول الغذاء ... سأل "سنجاى" السائق على مطعم "حلال" من أجلنا ... فأخذنا الى مطعم أقرب صورة أستطيع ان أقرب مستواه بها لك هى صورة مطعم "الجحش" بالسيدة زينب وان كان الأخير يبدو ك"سيلنترو" فى نظافته بالمقارنة بذلك المطعم الهندى!!! طبعاً كانت أمى على وشك الإغماء من المشهد فعدلنا جميعا عن فكرة الأكل ال"حلال" وقررنا الالتزام بالأكل النباتى المتوفر فى كل مكان ... وقد كان ... فتوجهنا بترشيح "سنجاى" الى مطعم كبير يدعى "إل.إم.بى" ... هو فى الحقيقة مجمع يتكون من فندق ومحل كبير للحلويات الهندية ومطعم ... كان المكان شديد النظافة – طبعاً بالمقارنة بكل ما رأيناه خلال الأيام السابقة ... كان هذا يبدو كالريتزفى بريطانيا!
ما ان استقرينا على إحدى الموائد حتى تركنا "سنجاى" وذهب ليستأجر لنا حجرة فى الفندق ... عاد ليبلغنا بالسعر وكان – لدهشتنا – سعراً قليلا مقارنة بالفندق فى "دلهى" ومستواه ... وبعد ان فرغنا من الغذاء توجهنا الى الفندق لتفق الحجرة فكان ان زادت دهشتنا! العاملون يرتدون "يونيفورم" – فى الصورة "البواب" ... حيث يتميز الرجال فى الثقافة الراجستانية بالشوارب الطويلة كعلامة على الرجولة! - وهناك مصعد وباب الغرفة يفتح بالكارت الممغنط والغرفة نفسها شديدة النظافة ذات أثاث "مودرن" .... يااااااااه ... أخيراً أشعر اننا عدنا الى القرن الواحد وعشرين واننا خرجنا من فيلم "أمر أكبر انطونيو" الذى كنا نعيش فيه منذ وصولنا الى الهند!!!
تركنا الفندق وأنا أكاد أطير من الفرحة ... كانت الشمس تقترب من الغروب حين بدأنا الجولة الحرة فى السوق الكبير ... مررت بالكثير من الأشياء الغريبة ... فمثلاً هناك تلك الأقراص الكبيرة البنية من سكر القصب ... وهناك محل مثل محلات العصير عندنا لكنه يبيع مشروب من الزبادى يصبه من آناء فخارى كبير فى أكواب فخارية طويلة ... وهناك صناع الحلوى باياديهم الشريفة - لا أملك سوى ان أصاب بوعكة "لحظية" فى معدتى حين أتخيل الأكل من هذا الاناء! - وهناك الكثير والكثير من محلات الحلى من كل الأشكال والألوان ... فالمعروف عن النساء فى الهند حبهن الشديد للحلى خصوصاً الألوان الصارخة منها! – وهو شىء لم أفهمه ابدا الا انها ثقافات وأذواق!
أما الطامة الكبرى فكانت حين نظرت أمامى فوجدت هذا المشهد الذى لم أجرؤ على تصويره فأنا لا أعرف منظور الناس هنا لمن يصورون الرجال بالحمامات العامة!! نعععععععععم ... كان بإمكانى تصويرهم بالحمامات العامة أى والله العظيم ... الموضوع سهل جداً نظراً لأن هذه الحمامات لا سقف لها ولا باب ... هناك فقط جدار يفصل بين كل "حمام" والآخر الى جانب جدارين ساترين من الجانبين الأيمن والأيسر ... !!!أى ان الموضوع لا يعدو كونه بديل صناعى "للشجرة" التى يستخدمها السائقين على جانب الطريق الزراعى عندنا

4 comments:

Unknown said...

مافيش حاجة جديدة و لا ايه؟؟

Dr. Eyad Harfoush said...

لو أتيحت لك الفرصة صديقتي فستصبحين رائدة في أدب الرحلات، كم أحسدك على ذاكرتك المكانية:) تحياتي وتقديري

Exopic Media said...

Radio Advertising Agency India - The main aim of the Radio Advertising Agency in India is to create “unforgettable” ads.

Best Digital & OOH Advertising Agency said...

Nice Information. And if you're looking for any kind of advertising services to build to the brand presence in this competitive world. Then, Sigma Trade Wings best advertising agency Lucknow will be the right choice for you. Sigma Trade Wings has all in-house advertising services according to your need and requirement. Whether it is online advertising or offline advertising.
:
So, wait no more.
Contact us: 7521888222
Or drop a mail: info@stw.co.in
Or visit us at: stw.co.in
:
Advertising Agency Lucknow
Outdoor Advertising Agency